الحمد لله ذي العزة والأفضال والجود والنوال أحمده على ما خص وعم من نعمه وأستعينه على أداء فرائضه وأسأله الصلاة على خاتم رسله.
أما بعد فإنه لا بد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها من معرفة المذاهب والمقالات ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ويصنفون في النحل والديانات من بين مقصر فيما يحكيه وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه ومن بين معتمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه ومن بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من أمر المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار وأنا مبتدئ شرح ذلك بعون الله وقوته.
اختلف الناس بعد نبيهم () في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضاً وبرئ بعضهم من بعض فصاروا فرقاً متباينين وأحزاباً متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم.
أبو الحسن الأشعري، أحد أئمة أهل السنة والجماعة وأبرز متكلميهم، وإليه تنسب المدرسة الأشعرية، (260 هـ - 324 هـ).
نسبه ونشأته: هو أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أمير البصرة بلال بن أبي بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن حَضَّار الأشعري اليماني البصري. ولد بالبصرة سنة 260 هـ
مؤلفاته: مؤلفات الأشعري كثيرة قيل إنها بلغت ما يقارب الخمسين مصنفا وقيل أكثر من ذلك، منها:
1.إيضاح البرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان. 2.تفسير القرءان، وهوكتاب حافل جامع. 3.الرد على ابن الراوندي في الصفات والقرءان. 4.الفصول في الرد على الملحدين والخارجين عن الملّة. 5.القامع لكتاب الخالدي في الارادة. 6.كتاب الاجتهاد في الأحكام. 7.كتاب الأخبار وتصحيحها. 8.كتاب الإدراك في فنون من لطيف الكلام. 9.كتاب الإمامة. 10.التبيين عن أصول الدين. 11.الشرح والتفصيل في الرد على أهل الإفك والتضليل. 12.العمد في الرؤية. 13.كتاب الموجز. 14.كتاب خلق الأعمال. 15.كتاب الصفات، وهو كبير تكلم فيه على أصناف المعتزلة والجهمية. 16.كتاب الرد على المجسمة. 17.اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع. 18.النقض على الجبائي. 19.النقض على البلخي. 20.جمل مقالات الملحدين. 21.كتاب في الصفات وهو أكبر كتبه نقض فيه آراء المعتزلة. 22.أدب الجدل. 23.الفنون في الرد على الملحدين. 24.النوادر في دقائق الكلام. 25.جواز رؤية الله تعالى بالأبصار. 26.مقالات الإسلاميين. 27.رسالة إلى أهل الثغر. 28.الإبانة عن أصول الديانة. وهذه المصنفات الثلاث الأخيرة هي من آخر ما صنفه، وهي المعبرة عن عقيدته التي مات عليها.
وفاته: توفي أبو الحسن الأشعري سنة 324 هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته: "اليوم مات ناصر السنة".
هذا الكتاب لأبو الحسن الأشعري لا يختلف عن كتاب الشهرستاني في : (المل والنحل) حيث أعتبر ا معًا من أوثق الكتب لمنشأ الفرق الإسلامية وبه إحترافية عالية من الدقة والإمانة مهما يختلف مؤلفه مع الآخر في المذهب .. لكنه لا يبخسه حقه
أهم كتاب على الإطلاق في تاريخ الفرق الكلامية بين المسلمين, حيث حفظ لنا الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله أقوال فرق كثيرة منها ما اندثر ومات,ومنها ما بقي, والكتاب صورة حية لما كانت علية الأمة الإسلامية من تنوع الفكر والنظر, وعدم الحجر على أحد في التفكير حتى في أكثر الأفكار شذوذا وخروجا عن صحيح الكتاب والسنة
كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري من أهم ما ألف في مقالات العقديّين، وكان ابن تيمية كثير الإشارة إليه. يقع في مجلدين، الأول كانت عناوين فصوله أسماء الفرق، فكانت أصلا، والثاني كانت عناوين فصوله مسائل الكلام وكانت أصلا وأكثر في الثاني ذكر الاختلافات بين الفرق حول تلك المسائل. ومرة يذكر أصحاب المقالات ومرة لا يذكر فيقول: فقال قوم كذا، وقال آخرون كذا.
والكتاب لم يكن فيه تحليل، ولا ذكر لأصول المقالات باعتبار المقالات التي أدت لها على سبيل الالتزام أو الاتساق، وإنما كان يذكر أصول المقالات باعتبار القائلين لا غير.
وليس فيه ذكر لمقالات المتفلسفة، ولا أدري هل اعتبرهم من غير الإسلاميين، أم لسبب آخر، فقد ذكر أن له كتابا آخر في المقالات موسوما بـ "اختلافات الملحدين"، فلعله ذكر مقالاتهم هناك.
وأكثر المذاهب التي تناولها بالتفصيل هو مذهب المعتزلة فإنه من أكثر الناس خبرة به.
وأما المذهب الذي قال فيه "وإليه نذهب" فهو مذهب أهل الحديث الذين يثبتون النزول كما قال، والذين يقولون هو مستو على عرشه (لا كما نقل هو عن المعتزلة قولهم بأن استوى بمعنى استولى–ج١،ص٢٨٥)
كتاب المقالات لا يستغني عنه المتخصص أو الذي يريد أن يتخصص في علم الكلام، جامع في بابه، مستقص لمعظم آراء المتكلمين في مختلف القضايا والمباحث التي اختلفوا فيها. لا تظهر شخصية أبي الحسن في هذا الكتاب إلا نادرا، فقليلا ما يعلق ويبين خطأ مقالة من المقالات، بخلاف كتبه الأخرى.
"اختلف الناس بعد نبيهم في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضاً وبرئ بعضهم من بعض فصاروا فرقاً متباينين وأحزاباً متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم."
كتاب وثق فيه كاتبه الفرق الاسلامية، من خوارج وروافض وغيرهم في جزءه الأول "الكتاب الأول" والكتاب الثاني كان فيه الاختلافات الجزئية بين الكلاميين وغيرهم من هذه المواضيع ما جذبني ومنها ما تصفحته لأني لا أجد حاجة للاطلاع على هذه الاختلافات، بشكل عام طريقة عرض الكتاب وشرحه وتفرعاته ممتازة..