يستحضر «زكي محمد حسن» بثرائهِ المعرفي وعمقه التاريخي عظمة الفن الفارسي بين دفاتر مجد التاريخ؛ ليقدم كتابه الأهم عن التصوير الإيراني. ويستهل الكتاب بمقدمة تاريخية يستعرض فيها تاريخ الحضارة الفارسية ومنجزاتها، ثم يتتبع نشأة التصوير عند الفرس وتطوره، والعوامل المؤثرة فيه، والمراحل التي مر بها حتى طمسته الرغبة في تقليد الغرب، والتفريط في التقاليد الحضارية الموروثة. وقد وفِّقَ المؤلف في شرح المدارس المختلفة وبيان مميزاتها، والمصورين النَّابِغِينَ فيها، وما قدموه من منجزات؛ مما جعل الحضارة العربية تفتخر بأن المصور الفارسي استطاع أن يرتقي فوق قضبان القيود إلى أَوْجِ درجات الرُّقي؛ فأخرج لنا العديد من التحف المصورة التي تفخر بها الإنسانية، وتعد من الدعائم الرئيسية للحضارة الفارسية.
لد زكي بن محمد بن حسن المصري ، بمدينة الخرطوم عام 1908م، ونشأ في القاهرة وتعلم بها، ثم تخصص في الآثار الإسلامية، وقد حصل على شهادة الآثار الإسلامية من مدرسة اللوفر في عام 1934م، ونال بعدها شهادة الدكتوراه في الآداب من جامعة باريس. وقد أتقن العديد من اللغات، منها: الإنجليزية والألمانية، والفرنسية، والفارسية. عُيِّن زكي حسن أمينًا لدار الآثار العربية بالقاهرة عقب عودته من باريسعام 1935م واستمر بالعمل بها حتى عام 1939م. وقد ألَّف في تلك الفترة عدة كتب في علم الآثار فضلًا عن كتابته لدليل محتويات دار الآثار العربية. وقد انتقل زكي حسن بعدها للعمل كأستاذ للآثار والفنون الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة، كما عمل مدرسًا للتاريخ والآثار في جامعة بغداد. وكان ضِمْنَ أعضاء مجامع ومجالس علمية متعددة. قام زكي حسن بعدة رحلات علمية زار فيها معظم البلاد الأوروبية، كما مثَّل مصر في كثير من المؤتمرات العلمية. وقد ألف زكي في العديد من الموضوعات، مثل: التاريخ، والآثار، وأدب الرحلات. كما ترجم عددًا من الكتب الأجنبية إلى العربية، وكتب أكثر من خمسين مقالًا في مجالات مختلفة. ومن كتبه: «التصوير في الإسلام»، «كنوز الفاطميين»، «الفن الإسلامي في مصر»، «الصين وفنون الإسلام»، «التصوير عند العرب»
لقي تقدير الهيئات العلمية وتعترف العديد من المؤسسات العلمية بفضله في تكوين مدرسة فكرية ناقدة في التاريخ والفكر الإنساني. وتم تكريمة من قِبل عدد من الجامعات، مثل جامعة اشبيلية في أسبانيا، وجامعة لشبونة بالبرتغال ومركز الإدريسي للدراسات المغربية الأندلسية بالمغرب وأسبانيا.
توفي زكي محمد حسن في بغداد عام 1957م، ودفن في القاهرة.
نشأ فن التصوير نشأة خجلى في الإسلام ، بسبب الجدل اللي انتشر حوالين حرمانيته ..، ونمى و ازدهر في إيران بالذات .. و هي النموذج اللي بيتناوله البحث، اتسم فن التصوير في ايران بعناصره التقليدية .. و ألوانه الزاهية و الغنية ... تأثر بالفن القبطي غربا و هو الأثر اللي كان واضح في استخدامهم لهالات القداسة مع صور الأشخاص المهمين على سبيل المثال ، و كذا تأثر بالفن الصيني شرقا .. و هو التأثر اللي بدى واضحا في محاكاتهم لدقة صنعه، و للملامح المنغولية الصينية في تصاوير بعض أشخاصهم ، و أيضا في بدايات بعدهم عن التقليدية، و البدأ في محاكاة الطبيعة اللي انتهى بالتخلي شبه التام عن التقليدية في القرن الثامن عشر مع بداية البعثات الأوروبية و التأثر الطاغي اللي حصل للفن الفارسي بالمدرسة الأوروبية - خصوصا الإيطالية - و بيعزي الباحث ازدهار فن التصوير في الإسلام عند الفرس لكونهم كان لديهم تراث في هذا الفن قبل قدوم الإسلام لم يستطيعوا التخلي عنه بسهولة ، لا لكون التصوير مباح في المذهب الشيعي و محرم في المذهب السني كما أشاع بعض المستشرقين ، فكان أن طوع الفرس فنهم في الرسوم التوضيحية للكتب العلمية و التاريخية و الأدبية .. و حتى الدينية في بيئة لم تجد حرجا من تصوير حتى الأنبياء و الرسل ... ، و هو ما أزهر لنا آيات فنية بوحي تلك الصور أو الرسوم المصغرة ، و اللي أصبحت واحدة من أهم الإنتاجات الفنية للحضارة الإسلامية مثلها مثل الأرابيسك أو الخط العربي، و كانت أعظم تجليات هذا الفن واضحة في كتب زي .. كليلة و دمنة ، الشاهنامه ، يوسف و زليخا لجامي ، و منظومات نظمي .. و غيرها ، و من أعظم مصوريه ، اللي حازوا شهرة عالمية و أعمالهم متواجدة في اللوفر و في أكبر المتاحف العالمية للفن (بهزاد) و (سلطان محمد) ..
كتاب مليان معلومات اولًا نبذه عن التاريخ فيه اسماء كثير أول مره تمر علي وذكر ان عصر "السلاجقة من أزهى عصور الفن الفارسي"، تكلم عن الخطاط شاه محمود النيسابوري، والمنظومات الخمسة لنظامي، وذكر أن ديوان جامي يحوي صور بديعه، والفنان بهزاد، قصائد خواجوا كرماني، وكتاب كلستانه والبستان. بحثت عن اغلب الاسماء ولقيت صور جميلة. كنت انقد ان المخطوطات فقط في مناطق خارجيه، فمخطوط كليلة ودمنة محفوظ في المكتبة الأهلية بباريس ومخطوطات بمتحف ببريطانيا وبمتحف المتروبوليتان بنيويورك. لكن طلع فيه بدار الكتب المصرية و دار الاثار العربية.
يسرد المؤلف في اول ربع من صفحات الكتاب عن الإمبراطوريات والمماليك والدول التي حكمت بلاد الفرس مع ذكر دياناتهم ومعتقداتهم وحروبهم والاوضاع الجغرافية والسياسية التي حلت على هذهِ الارض بمثابة مؤثرات وعوامل أدت إلى تكوين الفن التصويري لدى الفرس وهذا ما خصة وركز به المؤلف في مجمل بحثه مستنداً على التواريخ وامضاءات الفنانين وما تبقى من مخطوطات تحتوي هذا التصاوير ومواقعها في المتاحف والمراكز. وأهم عناصر التأثير وتشكيل الملامح الاولية لهذا الفن بعد دخول الفرس في الإسلام وانتشار الورق في جميع الدول الإسلامية في أواخر القرن الثالث هجري/التاسع ميلادي من قبل أهل سمرقند الذين تعلموا صناعته من الصينيين. لم يلقى اهتمام في الدولة الأموية بسبب الانشغال بصبغ الدول المفتوحة بصبغة عربية، حتى بدأت الخلافة العباسية في الظهور وتعين الفرس فيها بشتى المناصب ومن هنا جلبوا فنونهم وبالاخص التصوير او الرسم على الورق، ثم ازدهر في الدولة الصفوية ٩٠٧–١١٤٨هجري/١٥٠٢–١٧٣٦ميلادي حتى ضعف هذا الفن بعصر الشاهات مطلع القرن العاشر هجرياً/مطلع القرن السادس عشر ميلادياً بسبب تأثر الشاهات بالفن التصويري الاوروبي واستبداله بفنهم التقليدي وما زال الضعف قائماً حتى يومنا هذا.
يذكر المؤلف المدارس المميزة في التصوير الفارسي: مدرسة بغداد أو مدرسة العراق المدرسة الفارسية التترية عصر تيمور وخلفائه بهزاد ومعاصروه – مدرسة بخارى المدرسة الصفوية عصر الشاه عباس وخلفائه والمجمل، يذكر بشكل مختصر كل مدرسة وما تميزها عن الاخرى بأساليب الرسم والالوان والتفاصيل ويحدد المدارس المتأثره ببعضها، ويذكر اسماء الفنانين وتلاميذهم ومدنهم مع التواريخ.
سأذكر بعض المعلومات المفيدة في رأيي: التصوير العراقي يهتم في تصوير المظاهر والاماكن على طبيعتها دون مبالغة او تبهير بدقة عالية جداً، بعكس التصوير الفارسي الذي يُضاف على تصاويرهم المخلوقات الخيالية والتكلف في رسم بعض المناظر. اهم المدارس عند الفرس هيَ "مدرسة هاة" التي كان في زمنها قلة الحروب والسكينة جعلت البلاد في انتعاش مدني لم يسبق له مثيل في تاريخ الفرس بالاضافة إلى اهتمام الحكام بهذه الفنون، ومنها ولد الفنان المعروف بهزاد في هراة حوالي ٨٥٤ هجري/١٤٥٠ ميلادي ويعتبر بهزاد من اوائل من استخدموا الامضاءات في لوحاتهم مع الترقيم. العصر الصفوي تمتاز رسوماته بأضافة العمائم الكبيرة التي تعلوها عصا صغيرة حمراء، وهذا العصر كثروا المقلدين لهذا النوع من انواع التصوير وبسبب ذلك نتج توحد الفن التصويري في جميع اقاليم بلاد الفرس. ومحاولات يوحنا الهولندي لتقليد الفن التصوير الفارسي ونقله إلى اوروبا. هجر الفنانين لأجل الحروب او لتلبية طلب من الحكام جعلهم يأثرون في البلدان التي زاروها، وكان التقليد في تلك العصور كثير جداً اما لغرض النسخ او التدوين او تعلم لمسات واساليب الفنانين.
ما يعيب الكتاب بأن الصور لا تندرج تحت نص شرح الصورة بل تكون متشتتة في اواخر الصفحات مما يسلب بعض المتعة في مشاهدة الفروق حول المدارس المختلفة.