لحظة كتابة هذه المراجعة لم يكن سوى مراجعة وحيدة على هذا الكتاب.. ولهذا دلالات مؤسفة على واقع المعرفة في العالم العربي أولا، ثم على أن هذا الموقع لم يأخذ شهرته بعد بين القارئين مع طول عمره النسبي..
هذا الكتاب هو كتاب مرجعي، وضعته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، أرادت به أن يكون دليلا فقهيا للمصارف الإسلامية، وهو مجهود ضخم بل هو من علامات أن الاجتهاد لا ينقطع في هذه الأمة، وذلك أن موضوع المصارف الإسلامية هذا واحد من أهم الموضوعات التي فرض الواقع الاجتهاد فيها على المسلمين، وهذا الموضوع واحد من أصعب الموضوعات التي احتاج المنظرون إلى الاجتهاد فيها.
لقد نشأت المصارف الإسلامية في واقع يعاديها ويعاكسها، وضمن بيئة سياسية وقانونية تعرقل أعمالها، وقد اجتهد عدد من الفقهاء والاقتصاديين لإنشاء مصارف لا تتعامل بالربا بل تعتمد على المشاركة الإسلامية وأساليبها وأدواتها الاستثمارية المتنوعة، لكن الواقع فرض كثيرا من المشكلات والانحرافات.. وكان أهم ما يتميز به المصرف الإسلامي وجود هيئة رقابة شرعية لضمان سلامة المعاملات.
هذا الكتاب هو دليل فقهي للمعاملات المعاصرة، نتج عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وهي إحدى الهيئات التي مثلت تطورا لهيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية.
ونستطيع القول بسهولة إن قراءة هذا الكتاب يعطي تصورا شاملا عن فقه المعاملات المالية الإسلامية المعاصرة.. ولو كان لي أن أحلم لحلمت بمجموعة من الباحثين تتفرغ لشرح هذه المعايير بعبارة بسيطة وتقارنها بالأنظمة المالية المعاصرة، فعندئذ سيتبين بوضوح ساطع أن الشريعة الإسلامية رحمة للعالمين.