May 1, 2023
- أعتقد ان ساراماغو كان يجلس يوماً فخطر التالي على باله:
" يجب ان اكتب قصة، احشر فيها المفاهيم الإجتماعية واعبر عن سخطي من المجتمع والحكومة والدين.. ماذا يجب ان افعل؟ سأفترض ان الموت توقف وانسج على هذا المنوال واوجه الضربات يميناً ويساراً، لكن القصة ضعيفة هكذا! حسناً سأتي بمفهوم "سانتا مويرتيه" وازجه في القصة لأغمز من قناة المعتقدات الوثنية، ومن ثم ساكسوها لحماً واجعلها تحب انساناً ما!.. ماذا سيكون ذلك الإنسان؟! سأجعله موسيقياً! نعم، فلطالما طربت الآلهة بالموسيقى في الأساطير القديمة وبذلك سأظهر ان الحب اقوى من الموت!... لكنها قصة مبتذلة ومعادة ولا تناسب فكرة جيدة كإنقطاع الموت؟! لا بأس فأنا ساراماغو، سيفسرها الناس انها عبقرية من نوع ما!"
حسناً لنبدا بتفسيرها:
المكان: دولة كاثوليكية صغيرة.
الحدث: يقرر الموت ان يوقف نشاطه في أول العام.
النتيجة: يحتفل السكان المحليون في البداية ويهللون لكن بعد بضعة أشهر تبدأ المشاكل بالظهور.
ما هي المشاكل؟
* كيفيّة الخلاص من العدد المتزايد للعجزة والمسنّين وأصحاب الأمراض المستعصية شبه الأحياء – الأموات.
* إفلاس شركات التّأمين ومكاتب الجنائز والدّفن.
* فقدان الدين لسبب وجوده الأساسي، فمن غير موت لا تقوم للدين قائمةٌ.
كيف تقسم الرواية؟ الى جزئين:
الجزء الأول من هذا الكتاب يدور حول ردة فعل الحكومة والمافيا، والكنيسة (الكاثوليكية تحديداً) والعائلة المالكة على انقطاع الموت.
الجزء الثاني محاكاة لـ "سانتا مويرتيه" (إلهة الموت في الثقافة المكسيكية) وهي معتقد من الحضارات القديمة لا زال رائجاً وحاضراً بقوة. ومحاكاة – الى حد ما - لإسطورة "اورفيوس" (الحب يقهر الموت). ففي هذا الجزء أرسلت "موت" رسالةً تعلن عودتها لمزاولة عملها، مانحةً كلّ إنسانٍ رسالةً بنفسجيّة اللّون تسبق موته بثمانية أيامٍ، ليكون بإمكانه إنهاء الأمور العالقة لكنّ المنحة الّتي قدّمتها للناس لم تكن جيّدةً، فوقوع الموت أهون من انتظاره والكلّ يخشى أن يفتح بريده ويجد الرّسالة البنفسجيّة الموعودة.
إلى هنا (ونحن انهينا ثلثي الرواية تقريباً)، لم نصل للحدث الأساسي: فقد أُرسلت رسالةٌ بنفسجيّةٌ إلى عازف فيولونسيل لكنّها عادت على الفور دون أن يستلمها. حاولت "موت" ارسالها مجدداً فلم تفلح. هنا بدأنا نتعرّف على شخصيّة "موت"، ماهيتها، تفكيرها، طريقة عملها... وعلى عازف الفيولونسيل الّذي هزمها! وباقترابها منه وقعت في حبّه وعشقته (لا ندري كيف لكن الحب اعمى)، وتحوّلت إلى كائنٍ بشري يشعر بالنّعاس ويتناسى مهمّته لتنتهي الرواية بمقطع يعيدنا الى البداية في حلقة مفرغة (عادت موت إلى الفراش، احتضنت الرجل، ودون أن تدرك ما كان يحدث، وهي التي لم تنم قط، أحسّت أن النعاس ينزل جفنيها ببطء، وفي اليوم التالي لم يمت أحد)
رسائل الرواية:
ضرب تحت الحزام للدين: ("من دون الموت لا يوجد انبعاث ومن دون انبعاث لا وجود للكنيسة")، ("الأديان جميعها، مهما قلبناها لا مسوغ لها في الوجود سوى الموت")، (هذا هو مسوغ حياتنا، كي يقضي الناس حياتهم والخوف معلق برقابهم، وعندما تحين ساعتهم يتقبلون الموت كخلاصٍ، ثم فردوس أو جحيم أو لا شيء، فما يحدث بعد الموت يهمنا أقل بكثير مما نعتقد، فالدين هو مسألة أرضيّة لا علاقة لها بالسماء)، (سنتضرع إلى الرب كي يتدخل بعنايته من أجل عودة الموت بأسرع ما يمكن ليوفر على الإنسان أهوالاً أسوأ) ويربط ساراماغو بخبث بين الدين والوثنية (وهل للرّبّ سلطةٌ على الموت؟).
الرسائل الإجتماعية:
- علاقة المجتمع بالموت وايمانه بالخرافات والماورائيات من خلال اساطير (معظمها وثنية). إنعدام الأخلاق والسيطرة المادية وفقدان الشعور الإنساني وحساب الحياة والموت على قاعدة المصاريف!
الرسائل السياسية:
خلق العدو الوهمي: (قامت بلدان الجانب الآخر الثلاث بخلع أقنعتها وكشفت عن وجهها الحقيقي، وجه الغزاة والقساة والامبرياليّين المتعجرفين... كلّ ما هنالك أنّهم يحسدوننا لأنّه لا موت في وطننا... ولهذا يريدون غزونا واحتلال أراضينا... عاد الجنود إلى المواقع الّتي جاؤوا منها وانتظروا الهجوم والمجد بأقدام ثابتة، مسلحين حتى الأسنان،. لم يحدث ذلك فلا هجوم ولا مجد لأنه لم يكن ثمة غزو ولا إمبرياليةٌ). نشوء المافيا وعلاقتها مع الحكومة، طريقة ادارة الأزمة من قبل الحكومة، العلاقة ما بين الحكومة والملك...
مساوئ الرواية:
- مجهولة النسب والدافع : من وراء "موت"؟ وكيف تتّخذ الست "موت" قراراتها وتغيرها؟ كيف تحدّى عازف الفيولونسيل "موت"(لم افهم كيف عادت الرسالة ثلاث مرات!!) وكيف وقعت بحبه بهذه السذاجة؟
- مكتوبة بدون فقرات، حتى الحوار، وهذا زاد صعوبة القراءة من دون اي مبرر.
- غياب علاما�� الترقيم.
- التكرار لذات الأفكار (الرب والموت وجهان لعملة واحدة) التكرار بواسطة المرادفات في استعراض لغوي، مما ولّد مللاً لا يضاهيه سوى مشاهدة نشرات الأخبار العربية!
- مليئة بالحشو وحشر للكلمات بدون اي فائدة، لنعطي بعض الأمثلة:
ص73: من المؤكد ان محبي... المصطلح هو Background: اربع وستون كلمة يمكن اختصارها بثلاث كلمات: بإختصار المصطلح هو Background،
ص126: واتى بعد ذلك اعظم المرجعيات في هذا الموضوع ... كاميلو بالدي، ... هيس: عدد 14 شخصية في تحليل الخطوط، حشو لا ينفع.
ص161: انه باب خارج الإستخدام، اي انه لا يفتح ولا ينغلق... الجانب الآخر من الباب: 100 كلمة من الحشو من دون معنى ومغزى.
ص190: هناك في العالم قرابة مليون جنس من الحشرات ... سميكة الفضة: 100 كلمة عن انواع الحشرات لو اسقطت ما تغير المعنى.. وغيرها الكثير
طيب ما النتيجة؟
واحدة من اسوء الروايات التي قرأتها!
" يجب ان اكتب قصة، احشر فيها المفاهيم الإجتماعية واعبر عن سخطي من المجتمع والحكومة والدين.. ماذا يجب ان افعل؟ سأفترض ان الموت توقف وانسج على هذا المنوال واوجه الضربات يميناً ويساراً، لكن القصة ضعيفة هكذا! حسناً سأتي بمفهوم "سانتا مويرتيه" وازجه في القصة لأغمز من قناة المعتقدات الوثنية، ومن ثم ساكسوها لحماً واجعلها تحب انساناً ما!.. ماذا سيكون ذلك الإنسان؟! سأجعله موسيقياً! نعم، فلطالما طربت الآلهة بالموسيقى في الأساطير القديمة وبذلك سأظهر ان الحب اقوى من الموت!... لكنها قصة مبتذلة ومعادة ولا تناسب فكرة جيدة كإنقطاع الموت؟! لا بأس فأنا ساراماغو، سيفسرها الناس انها عبقرية من نوع ما!"
حسناً لنبدا بتفسيرها:
المكان: دولة كاثوليكية صغيرة.
الحدث: يقرر الموت ان يوقف نشاطه في أول العام.
النتيجة: يحتفل السكان المحليون في البداية ويهللون لكن بعد بضعة أشهر تبدأ المشاكل بالظهور.
ما هي المشاكل؟
* كيفيّة الخلاص من العدد المتزايد للعجزة والمسنّين وأصحاب الأمراض المستعصية شبه الأحياء – الأموات.
* إفلاس شركات التّأمين ومكاتب الجنائز والدّفن.
* فقدان الدين لسبب وجوده الأساسي، فمن غير موت لا تقوم للدين قائمةٌ.
كيف تقسم الرواية؟ الى جزئين:
الجزء الأول من هذا الكتاب يدور حول ردة فعل الحكومة والمافيا، والكنيسة (الكاثوليكية تحديداً) والعائلة المالكة على انقطاع الموت.
الجزء الثاني محاكاة لـ "سانتا مويرتيه" (إلهة الموت في الثقافة المكسيكية) وهي معتقد من الحضارات القديمة لا زال رائجاً وحاضراً بقوة. ومحاكاة – الى حد ما - لإسطورة "اورفيوس" (الحب يقهر الموت). ففي هذا الجزء أرسلت "موت" رسالةً تعلن عودتها لمزاولة عملها، مانحةً كلّ إنسانٍ رسالةً بنفسجيّة اللّون تسبق موته بثمانية أيامٍ، ليكون بإمكانه إنهاء الأمور العالقة لكنّ المنحة الّتي قدّمتها للناس لم تكن جيّدةً، فوقوع الموت أهون من انتظاره والكلّ يخشى أن يفتح بريده ويجد الرّسالة البنفسجيّة الموعودة.
إلى هنا (ونحن انهينا ثلثي الرواية تقريباً)، لم نصل للحدث الأساسي: فقد أُرسلت رسالةٌ بنفسجيّةٌ إلى عازف فيولونسيل لكنّها عادت على الفور دون أن يستلمها. حاولت "موت" ارسالها مجدداً فلم تفلح. هنا بدأنا نتعرّف على شخصيّة "موت"، ماهيتها، تفكيرها، طريقة عملها... وعلى عازف الفيولونسيل الّذي هزمها! وباقترابها منه وقعت في حبّه وعشقته (لا ندري كيف لكن الحب اعمى)، وتحوّلت إلى كائنٍ بشري يشعر بالنّعاس ويتناسى مهمّته لتنتهي الرواية بمقطع يعيدنا الى البداية في حلقة مفرغة (عادت موت إلى الفراش، احتضنت الرجل، ودون أن تدرك ما كان يحدث، وهي التي لم تنم قط، أحسّت أن النعاس ينزل جفنيها ببطء، وفي اليوم التالي لم يمت أحد)
رسائل الرواية:
ضرب تحت الحزام للدين: ("من دون الموت لا يوجد انبعاث ومن دون انبعاث لا وجود للكنيسة")، ("الأديان جميعها، مهما قلبناها لا مسوغ لها في الوجود سوى الموت")، (هذا هو مسوغ حياتنا، كي يقضي الناس حياتهم والخوف معلق برقابهم، وعندما تحين ساعتهم يتقبلون الموت كخلاصٍ، ثم فردوس أو جحيم أو لا شيء، فما يحدث بعد الموت يهمنا أقل بكثير مما نعتقد، فالدين هو مسألة أرضيّة لا علاقة لها بالسماء)، (سنتضرع إلى الرب كي يتدخل بعنايته من أجل عودة الموت بأسرع ما يمكن ليوفر على الإنسان أهوالاً أسوأ) ويربط ساراماغو بخبث بين الدين والوثنية (وهل للرّبّ سلطةٌ على الموت؟).
الرسائل الإجتماعية:
- علاقة المجتمع بالموت وايمانه بالخرافات والماورائيات من خلال اساطير (معظمها وثنية). إنعدام الأخلاق والسيطرة المادية وفقدان الشعور الإنساني وحساب الحياة والموت على قاعدة المصاريف!
الرسائل السياسية:
خلق العدو الوهمي: (قامت بلدان الجانب الآخر الثلاث بخلع أقنعتها وكشفت عن وجهها الحقيقي، وجه الغزاة والقساة والامبرياليّين المتعجرفين... كلّ ما هنالك أنّهم يحسدوننا لأنّه لا موت في وطننا... ولهذا يريدون غزونا واحتلال أراضينا... عاد الجنود إلى المواقع الّتي جاؤوا منها وانتظروا الهجوم والمجد بأقدام ثابتة، مسلحين حتى الأسنان،. لم يحدث ذلك فلا هجوم ولا مجد لأنه لم يكن ثمة غزو ولا إمبرياليةٌ). نشوء المافيا وعلاقتها مع الحكومة، طريقة ادارة الأزمة من قبل الحكومة، العلاقة ما بين الحكومة والملك...
مساوئ الرواية:
- مجهولة النسب والدافع : من وراء "موت"؟ وكيف تتّخذ الست "موت" قراراتها وتغيرها؟ كيف تحدّى عازف الفيولونسيل "موت"(لم افهم كيف عادت الرسالة ثلاث مرات!!) وكيف وقعت بحبه بهذه السذاجة؟
- مكتوبة بدون فقرات، حتى الحوار، وهذا زاد صعوبة القراءة من دون اي مبرر.
- غياب علاما�� الترقيم.
- التكرار لذات الأفكار (الرب والموت وجهان لعملة واحدة) التكرار بواسطة المرادفات في استعراض لغوي، مما ولّد مللاً لا يضاهيه سوى مشاهدة نشرات الأخبار العربية!
- مليئة بالحشو وحشر للكلمات بدون اي فائدة، لنعطي بعض الأمثلة:
ص73: من المؤكد ان محبي... المصطلح هو Background: اربع وستون كلمة يمكن اختصارها بثلاث كلمات: بإختصار المصطلح هو Background،
ص126: واتى بعد ذلك اعظم المرجعيات في هذا الموضوع ... كاميلو بالدي، ... هيس: عدد 14 شخصية في تحليل الخطوط، حشو لا ينفع.
ص161: انه باب خارج الإستخدام، اي انه لا يفتح ولا ينغلق... الجانب الآخر من الباب: 100 كلمة من الحشو من دون معنى ومغزى.
ص190: هناك في العالم قرابة مليون جنس من الحشرات ... سميكة الفضة: 100 كلمة عن انواع الحشرات لو اسقطت ما تغير المعنى.. وغيرها الكثير
طيب ما النتيجة؟
واحدة من اسوء الروايات التي قرأتها!