في البدء كان القرآن. فالأدب العربي لم يظهر إلى الوجود إلا مع مجيئه، ومختلف الأنشطة المتعلقة بالتلقين وجمع المعطيات التي نمت خلال الثلث الأخير من القرن السابع الميلادي، تمحورت حول القرآن وسيرة وأقوال الرسول واللغة العربية، لغة الوحي. وخلال ما يناهز مئة عام كان نقل المعرفة مبنيا أساس على التواصل الشفوي بين الشيخ والتلميذ، هذا على الرغم من أن الكتابة اندمجت، على نحو جزئي في هذا المسار وخلال القرون اللاحقة بدأت تظهر تدريجيا آداب على قدر كبير من الوفرة والتنوع، اتسمت بانتشار اللجوء إلى الكتابة وبشيوع استعمال الكتب. فما هي العوامل التي تكمن وراء هذا التحول؟ وكيف يمكن تفسير الحيز الكبير الذي أصبحت تشغله الكتابة؟ هذا ما يتطرق إليه مؤلف هذا الكتاب على نحو جديد. بالإضافة إلا هذا فهو يفحص الطريقة التي انتهى بها التوتر الذي كان يطبع العلاقة بين الشفوية والكتابة، على المستوى النظري على الأقلـ ووصل إلى حل نهائي
Gregor Schoeler, born in Germany in 1944, is a contemporary non-Muslim Islamic scholar He has served the chair of Islamic studies at the University of Basel since 2009.
مطلع سورة طه من مخطوطة برمنغهام من أقدم مخطوطات القرآن (والتي يحتمل معاصرتها للرسول صلى الله عليه وسلم)ه -- هذا الكتاب يتصدى فيه غريغور شولر بأسلوب مميز وبدقة بحثية للكتابة عند المسلمين منذ القرن الهجري الأول وعلاقتها بالنقل الشفاهي لديهم...ه منذ البداية يخبرنا أن العلاقة بين الشفوية والكتابة قد وقع فيها خلط مما أدى إلى قراءات غير مقبولة ومبتسرة من قبل بعض الباحثين الغربيين وأيضا النقاد العرب المعاصرين! وهو قد حاول الإحاطة بهذه الإشكالية من كل جوانبها من خلال أبحاثه التي استغرقته عشرين عاما، ليخرج لنا بهذا الكتاب، والذي هو رغم صغر حجمه إلا أن الجهد والأفكار فيه تعطي فكرة جيدة وتصورا متماسكا عن المسألة...ه يقول: (والنتيجة التي توصلت إليها هي أنه لحل هذه المسألة يجب التخلص من ثنائية شفوية/كتابة، وتبني أطروحة شبرينغر والتي تقول كما سبق أن رأينا، بضرورة التمييز بين الكتابات المدونة خلال الدروس والدفاتر المستعملة في سياق تعليمي محض والكتب كاملة الشكل والمبنى.) ص25 وهكذا يفرق بين شكلين من الكتابة، وهذا التفريق هو محور فهم فكرته، يقول: (تتوفر اللغة اليونانية على مصطلحين مختلفين يتيحان لنا التمييز بوضوح بين هذين النوعين من الكتابة، هناك من جهة هيبومنيما (ج هيبومنيماتا) وهو يتعلق بكتابات خاصة تهدف إلى تسهيل عملية الحفظ، أو بمسودات، وهناك من جهة أخرى، سينغرامّا (ج سينغرامّاتا)، ويتعلق الأمر هنا بكتب ذات شكل كامل ونهائي ألفت طبق قواعد معينة قصد النشر الأدبي (إيكدوسيس). هذا في حين أن اللغة العربية تستعمل مصطلحا واحدا، وهو كتاب، للتعبير عن كل أنواع الكتابة كيفما كانت: مدونات، مسودات على شكل دفاتر، عقود، كتابات منحوتة فوق الحجر، والكتاب بمفهومه الضيق.) ص47 والمسلمون كان اعتمادهم الأول والأهم على الحفظ والراوية مشافهة، ولكن كان لهم كتابات من نوع المسودات والكتابات الشخصية وكراسات لأغراض تعليمية غير معدة للنشر (هيبومنيما)، كما ورد في كثير من الآثار عن الصحابة والتابعين، وليس فقط كتابة القرآن الكريم كما هو معروف عن كتّاب الوحي، بل أيضا هذا يشمل الحديث والتفسير والسيرة... ولكن الكتابة كانت تعد أقل شأنا وأهمية من الحفظ، بل كان من أساليب المدح والتوثيق لعالم ما بقوة ذاكرته أنه ما كان يحتاج النظر في الكتب _مع أنها عنده كما يفهم من سياق الكلام_. ه الكتاب لا يتطرق فقط لتدوين القرآن والأحاديث بل أيضا للشعر والأدب والسير والتاريخ والنحو ونشوء علوم أخرى مع التقدم في الزمن... ويتطرق للرسائل وكيف تطورت لتصير كتبا معدة للتداول العام، وأيضا لعلاقة البلاط وشغفهم بالعلم ووظائف الدولة من دوواين وقضاء لتشجيع الكتابات ذات الشكل النهائي التي تصلح للنشر (سينغرامّا)... فالكتاب رصد لظاهرة الكتابة بشكل عام منذ فجر الإسلام... ه والكتاب يجعلنا نفهم آلية ظهور الكتب الرائدة في مجالاتها في التراث الإسلامي، مثل صحيح البخاري مثلا، الذي لم يكن ظهورا مفاجئا للحديث مكتوبا بينما من قبله كانوا مكتفين بالرواية الشفهية حتى ابتدع الكتابة هو، كما يظن البعض! فالكتابة كانت منذ البداية مترافقة مع المشافهة في منزلة دونها لتخدمها، ومرت بمراحل حتى خرجت من نطاقها الضيق للشخص أو تلامذته أو من يراسله، إلى فكرة التدوين والكتاب المعد للتداول على نطاق واسع... ه
الكتاب أعجبني كثيرا، وهو جهد طيب ومنصف من باحث غربي، ولكنه لا يخلو من أخطاء، مثلا قد أورد أثرا ينسبه لرسول الله عن لحن في المصحف، بينما هو حقيقة أثر مروي من أقوال عثمان رضي الله عنه ولم يرفعه أحد لرسول الله، وهو فوق هذا يعتبر أثرا باطلا عند العلماء لا يحتج به لاضطراب سنده ومتنه. (يمكن مراجعة في هذا السياق التعليق الطويل لمحب الدين واعظ عن هذا الأثر ونقولات علماء الحديث في نقده سندا ومتنا، في ثنايا تحقيقه لكتاب المصاحف للسجستاني).ه
المؤلف غريغور شولر، هو باحث ألماني مختص بالدراسات الإسلامية وأستاذ مدرس لها في جامعة بازل، من مواليد 1944، وكتابه هذا عبارة عن محاضرات قد ألقاها في باريس وأعاد صياغتها... وهو قد بيّن منذ بداية الكتاب منهجه من اعتبار نفسه من تيار الباحثين الغربيين الذين يعتمدون في دراستهم على المصادر الإسلامية، وأن الروايات حين تتعاضد فيمكن اعتبارها كوثائق علمية وليس مجرد مرويات... على خلاف تيار الغربيين الآخر من المشككين الذين يرفضون هذه المصادر... ومن الواضح الجهد الذي بذله في سبر المراجع، بشكل يثير الإعجاب... ولذلك كله أتت أطروحة الكتاب قليلة الثقوب المسدودة بالتخرصات والافتراضات...ه
كتاب ثري وأسلوب ممتع، والترجمة جيدة... ه
في النهاية أريد أن أذكر معلومة صغيرة ذات صلة بموضوع الكتاب، أن من علماء المسلمين الذين كتبوا عن تدوين السنة العالم الهندي محمد مصطفى الأعظمي في كتابه (دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه) قد عدّ فيه 52 صحابيا ممن كتبوا عن رسول الله أحاديثا أو كُتب عنهم مباشرة، لأغراض كثيرة ومناسبات عدة... وفصّل الكلام بتدقيق عنهم وذكر المرويات التي وردت بهذا الشأن وتمحيصها على مدى 94 صفحة من كتابه... والكتاب متوفر على الشبكة... وهو وجهتي التالية إن شاء الله... حيث أنه فيه تفصيل لمسائل كثيرة... وقد تطرق فيه لكيفية فهم النهي الوارد عن كتابة غير القرآن، من كونه في بداية الدعوة، ثم نسخ، والنهي حينها عن جمع كتابة القرآن في نفس الصحيفة مع أي كتابة أخرى، لئلا تختلط معه... وتطرق أيضا لمناقشة كثير من أقوال المستشرقين في هذا السياق...ه
الفكرة الأساسية للكتاب ، حسب فهمي الذي قد يكون مخطئا،هو إثبات انتشار الكتابة كنشاط إنساني بعيدا عن أسئلة التدوين،خاصة تدوين الحديث، التي شغلت كثيرا من الأبحاث المعاصرة ولكن في الكتاب أخطاء لا تغتفر إلا لأعجمي...أو ربما مشيناها من باب العذر بالجهل وعدم الاتصال الحقيقي بالثقافة الإسلامية . فمثلا، يقول شولر بأنه "في القرن العاشر الميلادي تم الاعتراف من طرف السلطات السياسية والدينية بشرعية سبع قراءات[للقرآن]" ص٧٢. وهذا جهل شنيع ومخزٍ؛ فمن له أدنى اطلاع على تاريخ القراءات يعلم أن القراءات الصحيحة قبل مجيء ابن مجاهد كانت كثيرة حتى أتى هذا الإمام فأشهر القراءات المعروفة لدينا اليوم في كتابه المعروف. وشأن القراءات شأن المذاهب الفقهية؛ لا علاقة بما استقر عليه في القرون التي تلت العصر الأول بسلطة سياسية بل ولا دينية. وبالرغم أن المترجم اجتهد في نقل النصوص من مظانها، على الأقل النصوص القليلة التي تأكدت منها، إلا أنه أحيانا يربك القارئ في الهامش كما حدث له عند ذكر الدوري بهذا الشكل (الدوري، الزهري) واتضح أن الكتاب كان ترجمة كتاب عبدالعزيز الدوري المهم "نشأة علم التاريخ.." وكان الأولى الرجوع إلى النص العربي. الكتاب فيه جهد واضح وفكرته جيدة بالرغم من الهفوات التي تناثرت هنا وهناك، والتي كان بعضها مزعجا.
بدأت بقراءته في مكة المكرمة وأنهيته في الطريق من مكة إلى المدينة تقييمي له أربع نجمات، لكن الخلاصة جعلتني أسلبه نجمة دراسة مهمة في بابها، لكن شابها نقص كبير في استقراء المصادر مثلا، كيف يفوت المؤلف كتاب مثل كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني؟ ليت في باحثينا المسلمين من يتفرغ لدراسات شبيهة
I think the book made an important contribution to our understanding of transmission in early Islamic world. However, it goes without saying that no such book can have the final word and new studies always discover the flaws. Schoeler has tried to include many of the critics and new opinions as addendum.
* I read the english translation of the book. Obviously, Montgomery's translation was suberp.
غريجور شولر هو مستشرق سويسري وأستاذ سابق للدراسات الإسلامية في جامعة بازل، يُعتبر من أبرز الباحثين الغربيين في مجال التاريخ الإسلامي المبكر يتناول الكتاب تطور استخدام الكتابة والشفوية في بدايات الإسلام، وكيف تفاعلت هاتان الوسيلتان في نقل المعرفة والحفاظ عليها. يبحث الكتاب في دور الكتابة في تدوين القرآن الكريم، والحديث النبوي، والشعر، والأخبار، وكيف تطورت هذه العملية عبر الزمن. يستكشف الكتاب أيضًا أهمية الرواية الشفوية في نقل المعرفة، وكيف كانت هذه الطريقة هي السائدة في المجتمع العربي قبل الإسلام وفي بداياته. ثم بعد ذلك يحلل الكتاب العوامل التي أدت إلى التحول التدريجي من الاعتماد على الشفوية إلى الكتابة، وكيف أثر هذا التحول على الثقافة الإسلامية. يُجادل شولر بأن التدوين المبكر للنصوص الإسلامية (كالقرآن والحديث) بدأ في القرن الأول الهجري، مُتحديًا أطروحات بعض المستشرقين (مثل جوزيف شاخت) الذين يرون أن التدوين تأخر حتى القرن الثاني أو الثالث. يؤكد شولر أن القرآن دُوِّن في حياة النبي محمد (ص) بشكل جزئي، وأن عملية الجمع في عهد أبي بكر وعثمان كانت تنظيمًا لمواد مكتوبة موجودة أصلاً، وليس اختراعًا من عدم. حيث يقول "لا يمكن فهم الإسلام المبكر دون إدراك أن الشفاهة والكتابة كانتا وجهين لعملة واحدة... فالمؤمنون الأوائل لم ينقلوا النصوص عن ظهر قلب فحسب، بل سجلوها أيضًا على كل ما تصل إليه أيديهم".
فيه دقة وجدة في التقسيم لأنواع المكتوب والمنقول شفاهياً يمكن الاعتماد عليها كأساس في البحث. وهو إن قرء كمدخل تاريخي فجيد، إلا أن كثير منه كلام مرسل لم يدلل عليه كحديثه أن المعلقات كانت أول أساليب النشر للعموم Publishing بين العرب، ولم أقف على ما يؤيد هذا.
الكتابة والشفوية في بدايات الإسلام يتناول نشأة الأدب العربي و العلاقة بين الشفوية و الكتابة خلال بدايات الإسلام كتاب قيم و ممتع و غير مألوف الكاتب وازن بشكل جيد بين قيمة المادة و قلة الصفحات
يهدف الكاتب في كتابه هذا إلى إثبات وجود عنصر الكتابة في الإسلام والتدوين، تحدث عن كثير من النقاط أهمها : - الحفظ النهائي للقرآن الكريم وتفاصيل جمعه. - هل كان اللجوء إلى الكتابة منعدماً قبل الإسلام أم كان استعمال الكتابة منتشراً في ذلك الوقت ؟ - دور الكتابة في نقل الشعر وأخبار القبائل . - إلى أي حد تم اخضاع شعر مرحلة الإسلام إلى سلطة الكتابة . - ماهو أول كتاب ظهر في الإسلام والأدب العربي بشكل عام ؟ - هل وجِدَ أدب عربي مسيحي قبل الإسلام ؟ - المناهج المتبعة في الإسلام للتلقين . - بدايات التعليم الأكاديمي في الإسلام . - أول ممثلي المدرسة المدنية للتأريخ . - ممثل المدرسة المكية وتفسير القرآن . - أهم المؤلفين والمؤلَّفات التي عُرِفت في الأدب العربي والتي أُلّفت منذ البداية بالاعتماد على الكتابة . - طبيعة المصنفات . - بداية استعمال الورق في الشرق . مراجعتي لهذا الكتاب مجرّد عرض لأهم النقاط التي تطرّق لها الكاتب فقط دون الخوض في التفاصيل، لأن هناك الكثير من النقاط التي وقفت عندها وميزتها باستفهام كبير إن كانت حقا صحيحة ومصدرها صحيح، وحسب قراءتي لمراجعات الكثير من القرّاء فقد تطرّق بعضهم إلى وقوع المؤلف في أخطاء لا تخفى على المختصِّين في هذا المجال ، عموما الكتاب يعبّر عن جهد كبير قام به الكاتب ويستحق القراءة 👍🏻.
كتاب جيد و محتواه كبير يتحدث فبه عن بدايات التدوين في القرن الأول والثاني الهجري و ظهور الكتّاب بعد أن اعتمدوا في بدايات العصر الإسلامي على الرواة و من ثم التدوين ،، الكاتب تحدث باختصار جميل و موجز عن أهم الكتب الأدبية و العلمية التي ظهرت بعد وفاة الرسول و كيف تم اتخاذ الصيغة النهائية للقرآن الكريم و جمع الحديث و تدوين سيرة الرسول عليه الصلاة و السلام و دور الرواة في هذا ،،، الجميل في الكتاب أنه اختصر موضوع كبير و مهم بشكل جميل يسهل على القاريء الإلمام بموضوع الكتابة و الشفوية في بداياتها و تحدث بإيجاز عن أمهات الكتب التي مازالت المصدر الأول لأي باحث .