"... لم أكن ثملاً لكن شربت كفايتي وهذه الدعوة وصلتني وتقبلتها بسرعة، درت معها في الرقصة، لم أكن راقصاً جيداً لكن الرقص في هذه اللحظة لم يحتج إلى أكثر من أن أطوّق ظهرها بذراعي وتطوّق عنقي بيدها. كنا قد قطعنا وقتاً كافياً من السهرة والرقص والشرب، لذا شعرت بأن السهرة لم تعد واحدة وأن كل اثنين أو ثلاثة وكل حلقة في غيمتها الخاصّة، وأن شيئاً من الخصوصية يحصل بين الأزواج والجمعات. لم أكن واعياً لأحد وأفترض أن أحداً لم يكن واعياً لي. كان الرقص الآن هذا الضمّ وجرّ قدمين بأي خطوة وفي موضعهما تقريباً فالحلبة في هذه اللحظة كانت مساحة متحرّكة والموسيقى كانت نوعاً من رحلة خاصّة. وضعت الفتاة فمها على أذني وبدأت تغني "اسهار، بعد اسهارّ" لفيروز..."
عباس بيضون شاعر وصحافي لبناني ومسؤول عن الصفحة الثقافية في جريدة السفير. صدر له في الشعر عن دار الساقي "ب.ب.ب" و"بطاقة لشخصين" و"الموت يأخذ مقاساتنا" الحائز على "جائزة المتوسّط" عن فئة الشعر.
شاعر وروائي وصحافي لبناني (مواليد 1945، صور) من أبرز الوجوه الثقافية في بيروت، وروّاد قصيدة النثر. درس الأدب العربي في جامعة بيروت العربية، وحصل على الماجستير في الأدب من السوربون الفرنسية. أمضى حياته متنقلًا بين باريس وبرلين وبيروت حيث يقيم الآن. صدرت له سبع روايات منها "خريف البراءة" (2016) التي حازت جائزة الشيخ زايد للكتاب (2017)، بالإضافة إلى ما يفوق خمس عشرة مجموعة شعرية منها "الموت يأخذ مقاساتنا" (2008) التي حازت جائزة المتوسّط للشعر (2009)، وآخرها "الحياة تحت الصفر" (نوفل، 2021) تُرجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والكردية.
الممتع في "مرايا فرانكشتاين" إن "بيضون" لا يفرض عليك فكرة معينة، ولا يعرضها، بل يجعلك تعيشها، كأنك أنت الشخصيّة وأنت من يشعر.. في تفصيله للتفاصيل روعة خفيفة تهطل على القلب. تعجبني كتابات "عباس بيضون" فهو في لا يغيّر فيك شيء، لكنه يلمس شعورك لترى بأعين الغير، وتحشر نفسك في خزانةٍ لتراقب العالم من وراءالباب الموارب. أحببت الكتاب.
تأملت إنعكاسات هذا الشخص فيها .. عوضاً عن النظر في أي شيء سوى تلك الشخصية المُشتتة الغريبة الأطوار ..
لم يهمني أسلوب الكاتب .. أو فنية تراكيبه اللغوية .. كلما ما كان يعنيني هو تجربتي الشخصية التي عمقتها تجربته الخاصة ..
اذا طلب مني أحدهم أن أحدثه عن الأرق .. فحديث بيضون عن الأرق هو أبلغ تعبير ..
أعادني إلى ليالٍ سوداء في حياتي.. لم أذق فيها طعم النوم لأظل معلقة في هذا الفاصل الرمادي بين الصحو و الحلم ..
حديثه عن اللوحات ..و الألوان .. أثار شجوني .. شعرت نحوه بالغبطة و هو الذي كان يقرأ عن الفن خفية .. لا لشيء سوى .. أن حياته كانت صعبة .. و التذوّق محض ترف .
الكتاب كان متعة بالنسبة لي ليس من السهل ان تسهب في ترجمة شيء يدعى "الارق "بحيث دفعنا الكاتب الى التفكير بتلك الليالي التي قضيناها في تلك الفجوة البيضاء رغم الظلام المحيط بنا الكتاب عبارة عن مقالات ممتعة لاشك ان للكاتب اسلوب فلسفي سردي جميل في وصف الاحوال والتقلبات الشخصية له اعجبتني جميع المواضيع ما عدا الموضوع الاخير "الة لنزع الاوهام" وجدت انه قلل من جودة العمل كثيرا ً بالنسبة لي .لكن بشكل عام يستحق القراءة والاربع نجوم بالنسبة لي ..مما اعجبني "سقط التنكر لكن الصداقة من دون القناع هي ايضاً صداقة " "مادمنا نعيش خارج الكلمات الا نفكر اننا في الحقيقة خرس " "لا اعرف متى بدأت اقول اني الصديق الثاني او الثالث بمرح اقل ! ماذا لو كنت الخامس او السادس وجدت انهم اصدقائي حين اذهب اليهم وحين لا افعل لايبادرون بالبحث عني " "في كل صداقة مجموعة من مخلفات يصعب تحريرها يمكن القول انها حزازات عالقة " "كنت اقرأ واكتب وامشي وابالغ في المزاح لاغرق هذه النفس في صخب لاتعود تسمع انقسامها فيه"
كتاب " مرايا فرانكشتاين " كان أول تجربه لي مع عباس بيضون و شكلها بتكون الأخيره : / ابدا ما أعجبني تفكيره و نظرته للحياه. كتاب تافه حقيقه عن شخص يريد أن يتكلم عن نفسه . إيمانه متزعزع أو بالأحرى ماعنده إيمان أصلا " قالها بنفسه " وهذا كان سبب إلحاده الإيجابيه الوحيده فيه هو أنه كان يطرح رأيه "فقط" . حتى مع طرحه لرأيه كان متناقض .
كتاب سخيف و كاتب اسخف .. ضيعت يومين و انا اقرا عن شخص مريض و احداث مش مترابطة و صف افكار من كل وادي عصا كأنو بعد ما حدا فكر او كتب .. بيستاهل ينكب بالزبالة
لعباس بيضون القدرة على رؤية الفكرة بعينٍ غريبة تستفزك لتكمل القراءة وقد لا تصل إلى مكان آمن وواضح بالضرورة. العنوان بما يمثله فرانكنشتاين من رمز لمخلوق غريب بشع صُنع على يد عالمٍ كيميائي، وغرابة المواقف والشخصيات والأفكار الفلسفية ونكهة الفن والبساطة والجرأة اللاذعة والتنوع في الطروحات عوامل تستدعيك لتنهي ما بدأت قراءته. هذا بحد ذاته انتصار للكاتب وإن لم نرضَ تماما عما آلت اليه هذه الرواية. تعبيره عن الأرق وحده يستحصل للكتاب كله جائزة في أدب الرواية وسببٌ كاف لأنصح احدا بقراءته.
هي ليست مجموعة قصصية إنما خواطر. في بداية الكتاب كان هناك بعض التكرار بالاخص بوصف الجنس كغيمة. هناك بعض الأفكار الممتازة وأسلوب الكاتب في التغيير عن نفسه سهل لكن تنظيم الكتاب في هذه القصص اذا أمكن تسميتها فوضوي قليلا. يخيل الي أن الكتاب كان سيكون أفضل لو اقتصر على صفحات أقل من دون تطويلات ولو ركّز الكاتب على مواضيع مثل الدين والهوية والغربة والصداقة والى آخره.
"في ولدنتي كنت أحظى فقط بالذين لايحبون الشجار والمشاكل. حتى هؤلاء ما كانوا يطيلون صحبتي. لن يترددوا إذا ما قبلوا في تبعية أحد الأقوياء. أنا نفسي لم أكن لأتردد، لكن أحدًا من الأقوياء، لم يقبلني. كان “خضر” زعيم الحي ولم يشعر بي. وحين علمت، فيما بعد، أنه جُنّ شعرت بشيء من التعويض، كنت كبيرًا عندها لكني لم استطع أن أمنع نفسي من أن ترتاح. كان مجنونًا من الأول. قلت في نفسي. لم تكن قوته سوى خبال، فكرت."
*
"كانت سوداويتي علامة نضجي الأولى، وكلما اندفعت فيها بدا لي أني أغدو راشدًا. عندئذ نكون انقطعنا بما فيه الكفاية عن حليب الأم، وإن صرنا أقل سعادة. تبدو الرجولة موحشة . وموحشة حقًا. رغباتها، التي تخاف من نفسها، تظل عطشى ومتململة كنبت صحراوي. لا شيء يمكن أن يقارن باللّذة الكاملة المتسببة عن مصّ عود معلل، وأكل حصة من القضامي السكرية. عندئذ يبدو أن لا مهرب من الكآبة أفضل من أن يغرق الواحد سمعه وبصره وشهوته في صحن حلوى، لكن الانتكاسات ذات مفعول ارتدادي وما إن نبدأ بذلك حتى لا نستطيع أن نتوقف."
*
"الحب، تأخرت كثيرًا عنه. الكتابة لم انقطع عنها، كنت اكتب قليلًا ولا أبالي النشر. لم يبق سوى ما أفعله في سريري دون أن أتكلف حتى الانتقال إلى الطاولة. أعرف كيف لا يقوى الواحد على حمل كأسه إلى المجلى. كيف يغدو المشي مشقة. كيف نحتاج إلى إرادة للدخول إلى الحمام. أعرف كيف لا يبقى سوى الأكل والنوم وبالطبع الثرثرة."
هناك كتب يمكن قراءتها في يوم واحد وجلسة واحدة، هذا أحدها... والمدة لا تدل على التشويق أو الاستمتاع بقدر ما تدل على عدم وجود شي يستحق أن يأخذ منك وقتا طويلا.
خواطر متفرقة، تبين لك بجلاء أن كل واحد قادر على الكتابة، لم أر فيها ما يدعوني للاندماج أكثر وأكثر. لغتها متوسطة (قطعان كلاب) ، (المسجلة) ولكن لا يخلو من عبارات جميلة
"لقد ولدت هذه المدن من تبرؤ ممعن من الريف" ٧
"الأعياد نفسها خصرناها بالأطفال واعتبرنا أن الرشد والبلوغ يرتبطان بالتخلي عنها" ٢١
"تدين له مزاجه وتسلياته ومجالسه بيد أنه لا يهرب من الشيطان بقدر ما يهرب من زجاجة خمر" ٢٨
"من ينامون لا تحاسبهم أنفسهم على أمر فعلوه بل،في ألغالب، على أمر لم يفعلوه" ٣٩
الممتع في مرايا فرانكشتاين أن عباس بيضون لا يفرض فكرة معينة، و يترك لك و لخيالك حرية التصور ، لربما أزعجتني بضعة أسطر بجرأتها و تعابيرها اللتي أزعجتني و لكن غير هذا لا يشوب النص شائبة